کد مطلب:90585 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:153
إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ[2] صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا، وَ دَارُ عَافِیَةٍ[3] لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا، وَ دَارُ غِنیً لِمَنْ تَزَوَّدَ [صفحه 566] مِنْهَا، وَ دَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا. اَلدُّنْیَا[4] مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ[5] اللَّهِ، وَ مُصَلَّی مَلاَئِكَةِ اللَّهِ، وَ مَهْبَطُ وَحْیِ اللَّهِ، وَ مَتْجَرُ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ، اكْتَسَبُوا فیهَا الرَّحْمَةَ، وَ رَبِحُوا فیهَا[6] الْجَنَّةَ. فَمَنْ ذَا یَذُمُّ الدُّنْیَا[7]، وَ قَدْ آذَنَتْ بِبَیْنِهَا، وَ نَادَتْ بِفِرَاقِهَا، وَ نَعَتْ نَفْسَهَا وَ أَهْلَهَا، فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلاَئِهَا الْبَلاَءَ، وَ شَوَّقَتْهُمْ[8] بِسُرُورِهَا إِلَی السُّرُورِ، وَ ذَكَّرَتْهُمْ بِنَعیمِهَا طیبَ الْحُبُورِ[9]. رَاحَتْ بِعَافِیَةٍ، وَ ابْتَكَرَتْ[10] بِفَجیعَةٍ، تَرْغیباً وَ تَرْهیباً، وَ تَخْویفاً وَ تَحْذیراً، فَذَمَّهَا رِجَالٌ[11] غَدَاةَ النَّدَامَةِ، وَ حَمِدَهَا آخَرُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ. ذَكَّرَتْهُمُ الدُّنْیَا فَتَذَكَّرُوا تَصَاریفَهَا[12]، وَ حَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا حَدیثَهَا[13]، وَ وَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا، وَ خَوَّفَتْهُمْ فَخَافُوا، وَ شَوَّقَتْهُمْ فَاشْتَاقُوا. فَیَا[14] أَیُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْیَا، الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا، الْمَخْدُوعُ بِأَبَاطیلِهَا، أَتَغْتَرُّ[15] بِالدُّنْیَا ثُمَّ تَذُمُّهَا؟. أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ عَلَیْهَا أَمْ هِیَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَیْكَ؟. [صفحه 567] لَیْتَ شِعْری، مَتی خَدَعَتْكَ الدُّنْیَا، أَمْ مَتَی اسْتَدَامَتْ لَكَ؟[16]. مَتَی اسْتَهْوَتْكَ، أَمْ مَتی غَرَّتْكَ؟. أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلی، أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّری؟. كَمْ عَلَّلْتَ بِكَفَّیْكَ، وَ كَمْ مَرَّضْتَ بِیَدَیْكَ، تَبْغی[17] لَهُمُ الشِّفَاءَ، وَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الدَّوَاءَ، وَ تَطْلُبُ لَهُمُ[18] الأَطِبَّاءَ، غَدَاةَ لاَ یُغْنی عَنْهُمْ دَوَاؤُكَ، وَ لاَ یُجْدی عَنْهُمْ بُكَاؤُكَ، لَمْ یَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ، وَ لَمْ تُسْعَفْ فیهِ بِطَلِبَتِكَ، وَ لَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ بِقُوَّتِكَ. وَ قَدْ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْیَا نَفْسَكَ، وَ بِحَالِهِ حَالَكَ[19]، وَ بِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ، وَ بِمَضْجَعِهِ مَضْجَعَكَ، غَدَاةَ لاَ یَنْفَعُكَ أَحِبَّاؤُكَ، وَ لاَ یُغْنی عَنْكَ نِدَاؤُكَ. حینَ یَشْتَدُّ مِنَ الْمَوْتِ أَعَالینُ الْمَرَضِ، وَ أَلیمُ لَوْعَاتِ الْمَضَضِ. حینَ لاَ یَنْفَعُ الأَلیلُ، وَ لاَ یَدْفَعُ الْعَویلُ. حینَ یُحْفَزُ بِهَا الْحَیْزُومُ، وَ یَغُصُّ بِهَا الْحُلْقُومُ. حینَ لاَ یُسْمِعُهُ النِّدَاءُ، وَ لاَ یَرُوعُهُ الدُّعَاءُ. فَیَا طُولَ الْحُزْنِ عِنْدَ انْقِطَاعِ الأَجَلِ. ثُمَّ یُرَاحُ بِهِ عَلی شِرْجَعٍ تُقِلُّهُ أَكُفُّ أَرْبَعٍ، فَیُضْجَعُ فی قَبْرِهِ فی لَبَثٍ، وَ ضیقِ جَدَثٍ. فَذَهَبَتِ الْجِدَّةُ، وَ انْقَطَعَتِ الْمُدَّةُ، وَ رَفَضَتْهُ الْعَطَفَةُ، وَ قَطَعَتْهُ اللَّطَفَةُ. لاَ تَقَارَبُهُ الأَخِلاَّءُ، وَ لاَ یُلِمُّ بِهِ الزُّوَّارُ، وَ لاَ اتَّسَقَتْ بِهِ الدَّارُ. إِنْقَطَعَ دُونَهُ الأَثَرُ، وَ اسْتَعْجَمَ دُونَهُ الْخَبَرُ. [صفحه 568] وَ بَكَّرَتْ وَرَثَتُهُ، فَأَقْسَمَتْ تَرِكَتَهُ. وَ لَحِقَهُ الْحُوبُ، وَ أَحَاطَتْ بِهِ الذُّنُوبُ. فَإِنْ یَكُنْ قَدَّمَ خَیْراً طَابَ مَكْسَبُهُ، وَ إِنْ یَكُنْ قَدَّمَ شَرّاً تَبَّ مُنْقَلَبُهُ. وَ كَیْفَ یَنْفَعُ نَفْساً قَرَارُهَا، وَ الْمَوْتُ قُصَارُهَا، وَ الْقَبْرُ مَزَارُهَا؟. فَكَفی بِهذَا وَاعِظاً كَفی. وَ لاَ تَسْمَعُ فی مَدْحِ الدُّنْیَا أَحْسَنَ مِنْ هذَا. ثم التفت علیه السّلام إلی أصحابه، فقال: أُوصیكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، بِتَقْوَی اللَّهِ، فَإِنَّهَا غِبْطَةُ الطَّالِبِ الرَّاجی، وَ ثِقَةُ الْهَارِبِ اللاَّجی. وَ اسْتَشْعِرُوا التَّقْوی شِعَاراً بَاطِناً، وَ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً خَالِصاً، تَحْیَوْا بِهِ أَفْضَلَ الْحَیَاةِ، وَ تَسْلُكُوا بِهِ طَریقَ النَّجَاةِ[20]. أَیُّهَا النَّاسُ، انْظُرُوا إِلَی الدُّنْیَا نَظَرَ الزَّاهِدینَ فیهَا، الصَّادِفینَ عَنْهَا، فَإِنَّهَا، وَ اللَّهِ، عَمَّا قَلیلٍ تُزیلُ الثَّاویَ، [ وَ ] تُشْخِصُ الْوَادِعَ[21] السَّاكِنَ، وَ تُفْجِعُ الْمُتْرَفَ الْمُغْتَبِطَ[22] الآمِنَ. لاَ یَرْجِعُ مَا تَوَلَّی مِنْهَا فَأَدْبَر، وَ لاَ یُدْری مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَیُنْتَظَرُ[23]. أَمَانِیُّهَا كَاذِبَةٌ، وَ آمَالُهَا بَاطِلَةٌ. صَفْوُهَا كَدَرٌ، وَ ابْنُ آدَمَ فیهَا عَلی خَطَرٍ. إِمَّا نِعْمَةٌ زَائِلَةٌ، وَ إِمَّا بَلِیَّةٌ نَازِلَةٌ، وَ إِمَّا مُعْظَمَةٌ جَائِحَةٌ، وَ إِمَّا مَنِیَّةٌ قَاضِیَةٌ. وَصَلَ الْبَلاَءُ مِنْهَا بِالرَّخَاءِ، وَ الْبَقَاءُ فیهَا بِالْفَنَاءِ. فَ[24] سُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ، وَ جَلَدُ الرِّجَالِ فیهَا إِلَی الضَّعْفِ، وَ آخِرُ الْحَیَاةِ فیهَا إِلَی[25] الْوَهْنِ. [صفحه 569] فَهِیَ كَرَوْضَةٍ اعْتَمَّ مَرْعَاهَا، وَ أَعْجَبَتْ مَنْ یَرَاهَا، عَذْبٌ شُرْبُهَا، طَیِّبٌ تُرْبُهَا، تَمُجُّ عُرُوقُهَا الثَّری، وَ تَنْطِفُ فُرُوعُهَا النَّدی. حَتَّی إِذَا بَلَغَ الْعُشْبُ إِبَّانَهُ، وَ اسْتَوی بَنَانُهُ، هَاجَتْ ریحٌ تَحُتُّ الْوَرَقَ، وَ تُفَرِّقُ مَا اتَّسَقَ، فَأَصْبَحَتْ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالی: هَشیماً تَذْرُوه الرِّیَاحُ وَ كَانَ اللَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ مُقْتَدِراً[26]. فَلاَ تَغُرَّنَّكُمْ[27] كَثْرَةُ مَا یُعْجِبُكُمْ فیهَا لِقِلَّةِ مَا یَصْحَبُكُمْ مِنْهَا. رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً تَفَكَّرَ فَاعْتَبَرَ، وَ اعْتَبَرَ فَأَبْصَرَ، وَ أَبْصَرَ فَازْدَجَرَ، وَ عَایَنَ إِدْبَارَ مَا قَدْ أَدْبَرَ، وَ حُضُورَ مَا قَدْ حَضَرَ[28]. فَكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الدُّنْیَا عَمَّا قَلیلٍ لَمْ یَكُنْ، وَ كَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الآخِرَةِ عَمَّا قَلیلٍ لَمْ یَزُلْ. وَ كُلُّ مَعْدُودٍ مُنْقَصٍ، وَ كُلُّ سُرُورٍ[29] مُنْقَضٍ[30]، وَ كُلُّ جَمْعٍ إِلی شَتَاتٍ[31]، وَ كُلُّ مُتَوَقَّعٍ آتٍ، وَ كُلُّ آتٍ قَریبٌ، وَ كُلُّ قَریبٍ[32] دَانٍ. عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّكُمْ وَ مَا تَأْمَلُونَ مِنْ هذِهِ الدُّنْیَا الْفَانِیَةِ أَثْوِیَاءُ مُؤَجَّلُونَ، وَ مَدینُونَ مُقْتَضَوْنَ، أَجَلٌ مَنْقُوصٌ، وَ عَمَلٌ مَحْفُوظٌ. فَرُبَّ دَائِبٍ مُضَیِّعٌ، وَ رُبَّ كَادِحٍ خَاسِرٌ. وَ قَدْ أَصْبَحْتُمْ فی زَمَنٍ لاَ یَزْدَادُ الْخَیْرُ فیهِ إِلاَّ إِدْبَاراً، وَ الشَّرُّ فیهِ إِلاَّ إِقْبَالاً، وَ الشَّیْطَانُ فی هَلاَكِ النَّاسِ إِلاَّ طَمَعاً. فَهذَا أَوَانُ قَوِیَتْ عُدَّتُهُ، وَ عَمَّتْ مَكیدَتُهُ، وَ أَمْكَنَتْ فَریسَتُهُ. إِضْرِبْ بِطَرْفِكَ حَیْثُ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ، فَهَلْ تُبْصِرُ إِلاَّ فَقیراً یُكَابِدُ فَقْراً، أَوْ غَنِیّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ [صفحه 570] اللَّهِ كُفْراً، أَوْ بَخیلاً اتَّخَذَ الْبُخْلَ بِحَقِّ اللَّهِ وَفْراً، أَوْ مُتَمَرِّداً كَأَنَّ بِأُذُنِهِ عَنْ سَمْعِ الْمَوَاعِظِ وَقْراً؟. أَیْنَ أَخْیَارُكُمْ[33] وَ صُلَحَاؤُكُمْ؟. وَ أَیْنَ أَحْرَارُكُمْ وَ سُمَحَاؤُكُمْ؟. وَ أَیْنَ الْمُتَوَرِّعُونَ فی مَكَاسِبِهِمْ، وَ الْمُتَنَزِّهُونَ[34] فی مَذَاهِبِهِمْ؟. أَلَیْسَ قَدْ ظَعَنُوا جَمیعاً عَنْ هذِهِ الدُّنْیَا الدَّنِیَّةِ، وَ الْعَاجِلَةِ الْمُنَغِّصَةِ؟. وَ هَلْ خُلِّفْتُمْ[35] إِلاَّ فی حُثَالَةٍ لاَ تَلْتَقی إِلاَّ بِذَمِّهِمُ الشَّفَتَانِ، اسْتِصْغَاراً لِقَدْرِهِمْ، وَ ذَهَاباً عَنْ ذِكْرِهِمْ. فَإِنَّا للَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ. ظَهَرَ الْفَسَادُ فَلاَ مُنْكِرٌ مُغَیِّرٌ، وَ لاَ زَاجِرٌ مُزْدَجِرٌ. أَفَبِهذَا تُریدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا اللَّهَ فی دَارِ قُدْسِهِ، وَ تَكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِیَائِهِ عِنْدَهُ؟. هَیْهَاتَ، لاَ یُخْدَعُ اللَّهُ عَنْ جَنَّتِهِ، وَ لاَ تُنَالُ مَرْضَاتُهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ. [ ثم قال علیه السلام: ] لَعَنَ اللَّهُ الآمِرینَ بِالْمَعْرُوفِ التَّارِكینَ لَهُ، وَ النَّاهینَ عَنِ الْمُنْكَرِ الْعَامِلینَ بِهِ.
مَا بَالُ أَقْوَامٍ یَذُمُّونَ الدُّنْیَا وَ قَدِ انْتَحَلُوا الزُّهْدَ فیهَا؟[1].
صفحه 566، 567، 568، 569، 570.
و نسخة العطاردی ص 430 عن شرح فیض الإسلام.